الاقتصاد

500 مليار دولار بانتظار العودة.. العراق أمام نافذة ذهبية لاسترداد أمواله المهربة

في وقت يرزح فيه الاقتصاد العراقي تحت ضغوط متزايدة نتيجة الفساد والهدر وسوء الإدارة، تبرز قضية استرداد الأموال المهربة كأحد أهم المسارات القانونية التي يمكن أن تُعيد للعراق جزءًا من ثرواته المنهوبة وتساهم في تخفيف الأعباء المالية عن الدولة. وبينما تُقدر قيمة هذه الأموال بنحو 500 مليار دولار، تؤكد آراء قانونية ومصادر قضائية أن الطريق نحو استعادتها “ممكن قانونًا”، ويحتاج إلى إرادة سياسية وجهد منظم على المستويين المحلي والدولي.

وفي هذا السياق، يقول الباحث القانوني علي التميمي في حديث خاص لـ”عراق اوبزيرفر”، إن “هناك اتفاقيات دولية نافذة تتيح للعراق المطالبة بهذه الأموال”، مضيفًا أن “أبرزها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة غسيل الأموال لعام 2005، والتي صادق عليها العراق بموجب القانون رقم 35 لسنة 2007”.

مواد قانونية تسند الحق العراقي

يُوضح التميمي أن “المادتين 55 و56 من الاتفاقية الدولية وضعتا إطارًا قانونيًا لاسترجاع الأموال المنهوبة والموجودة في الخارج”، لافتًا إلى أن هذه الاتفاقية اعتمدتها العديد من الدول التي نجحت بالفعل في استرداد أموالها، مثل نيجيريا والفلبين والجزائر ومصر، وهو ما يجعل الطريق أمام العراق “مفتوحًا قانونيًا” لاسترداد ما يمكن استرداده من أموال منهوبة.

وأشار التميمي إلى أن لدى العراق حقًا قانونيًا في المطالبة بمبالغ ضخمة مودعة في البنك الفدرالي الأميركي تعود للنظام السابق، والمقدرة بـ 65 مليار دولار، موضحًا أن المادة 28 من الاتفاقية الاستراتيجية العراقية – الأميركية لعام 2008، تخوّل العراق طلب المساعدة الاقتصادية من واشنطن، بما في ذلك التعاون في قضايا استرداد الأموال.

دعم دولي محتمل: من داعش إلى الوصاية

وتطرق التميمي إلى جانب دولي مهم، مؤكدًا أن المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة تتيح للدول التي حاربت جهات مصنفة تحت الفصل السابع (مثل داعش) أن تطلب المساعدة الاقتصادية من مجلس الأمن الدولي، مشيرًا إلى أن القرار الأممي رقم 2170 الصادر عام 2014 يضع تنظيم داعش تحت هذا التصنيف، ما يُعطي العراق شرعية قانونية لطلب دعم مالي دولي في هذا السياق.

وفي تحذير لافت، أشار التميمي إلى أن استمرار الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية في العراق قد يعيد البلاد إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي تحت وصاية دولية جزئية، بعدما كانت قد خرجت منه سابقًا عقب تسديد المتعلقات المالية مع الكويت، والتي بلغت قيمتها 4.5 مليار دولار.

تعديلات قانونية مطلوبة

وفي وقت سابق، أكد رئيس هيئة النزاهة محمد علي اللامي، ضرورة استرداد أموال العراق المنهوبة.

وذكرت هيئة النزاهة الاتحادية في بيان، أن “رئيس مجلس إدارة صندوق استرداد أموال العراق محمد علي اللامي عقد اجتماعاً لمجلس صندوق استرداد أموال العراق، وجرى خلال الاجتماع مُناقشة عدَّة مواضيع مُدرجة على جدول أعمال الاجتماع، منها استعراض الملفَّات المعروضة على الصندوق، وأهميَّة المُتابعة والتقصّي الحثيثين لتلك المعلومات”، لافتاً إلى أنَّ “قانون صندوق استرداد أموال العراق رقم (9 لسنة 2012) المُعدَّل، يحتاج إلى بعض التعديلات المُهمَّة التي ينبغي للسلطة التشريعيَّة المبادرة لتشريعه”.

وشدد اللامي، بحسب البيان، على “ضرورة بذل أقصى الجهود؛ من أجل استرداد أموال العراق المنهوبة في حقبة النظام السابق، وفق قانون صندوق استرداد أموال العراق النافذ”، حاثاً على “إيلاء المعلومات التي يتلقَّاها الصندوق الأهميَّة اللازمة”.

وأشار اللامي إلى أن “مهمة استرداد أموال العراق مسؤوليَّة وطنيَّة ينبغي أن تتضافر جهود جميع العراقيّين للمُشاركة فيها، ومُساندة الجهات المُختصَّة عبر الإدلاء بالمعلومات التي تساعد على كشف كمية تلك الأموال وملاذاتها”، مبيناً أن “تسريع وزارة الخارجيَّة لإجراءاتها في إرسال الملفَّات خلال المُدد القانونيَّـة إلى الجهات المختصَّة يسهم في الإسراع في إنجاز الملفَّات وتكلل الجهود في استرداد أموال العراق”.

ورغم أهمية هذا الملف، يرى مراقبون أن الخطوة الأهم تبقى في تفعيل أدوات الدبلوماسية الدولية والتحرك القانوني الرسمي من قبل الحكومة العراقية، لتشكيل فرق متخصصة بالتعاون مع الأمم المتحدة والدول التي توجد فيها الأموال المهربة.

بينما تُظهر الجوانب القانونية أن استرداد الأموال المهربة ممكن ومسنود باتفاقيات نافذة ومجربة من دول أخرى، تبقى الإرادة السياسية والإدارة الفعالة هي مفتاح النجاح أو الفشل في هذا الملف.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار