بعد أيام من التوتر المتصاعد والضربات العسكرية المتبادلة، أعلنت الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتجنب انزلاق المنطقة إلى مواجهة شاملة قد تمتد آثارها إلى أبعد من حدود الشرق الأوسط.
ورغم الترحيب الحذر بالاتفاق، إلا أن المؤشرات الأولية عكست هشاشته، مع تسجيل خروقات متبادلة وتصاعد الاتهامات بين الطرفين خلال ساعات قليلة من دخوله حيّز التنفيذ.
ويُعد وقف إطلاق النار إجراءً مألوفًا في تاريخ النزاعات الحديثة، لكنه غالبًا ما يكون محطة قصيرة الأمد، تتيح للأطراف إعادة ترتيب أوراقها ميدانيًا وسياسيًا.
ومن الناحية القانونية، يشير وقف إطلاق النار إلى أنه اتفاق مؤقت بين أطراف متنازعة لتعليق الأعمال القتالية، سواء أكانت حربًا نظامية أم صراعًا مسلحًا داخليًا أو إقليميًا.
أبعاد إنسانية
وفي هذا السياق، أوضحت الخبيرة القانونية زينب الساعدي أن “وقف إطلاق النار يُعَدّ أداة ذات طبيعة سياسية وقانونية في آن واحد، فهو يحمل بُعدًا إنسانيًا يتيح تنفيذ الأعمال الإغاثية وإجلاء المدنيين، كما يشكّل نافذة دبلوماسية لإجراء مفاوضات تهدف إلى الوصول لحل دائم للنزاع”.
وأضافت الساعدي أن “وقف إطلاق النار يختلف جوهريًا عن الهدنة، فالأخيرة عادة ما تكون أكثر رسمية وشمولية وتمتد لفترات أطول، بينما وقف إطلاق النار يبقى قرارًا مؤقتًا قد ينتهك في أي لحظة إذا تغيّرت معادلات القوى أو انهارت التفاهمات السياسية”.
ومع الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، شهد السوق العراقي إشارات ارتياح واضحة، إذ انخفض سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي إلى مستويات تراوحت بين 141 إلى 142 ألف دينار لكل 100 دولار، بعد أسابيع من التذبذب والتصاعد الذي أثقل كاهل المواطن.
ويرى مختصون أن وقف إطلاق النار خفف من حدة المضاربات والقلق في السوق المالية، كما أعاد شيئًا من الثقة بين المتعاملين والمصارف، وسط آمال باستقرار طويل الأمد إذا استمرت التهدئة دون خروقات مؤثرة.
وفي ظل ذلك، تجددت داخل العراق أصوات النخب القانونية والسياسية التي تشدد على ضرورة التمسك بموقف الحياد، وعدم السماح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية، إذ يرى هؤلاء أن بقاء البلاد خارج دائرة الصراع المباشر هو الضمانة الأهم لاستقرار اقتصادي وأمني نسبي، ولتجنيب المواطنين تداعيات أي موجة جديدة من العنف أو العقوبات أو الضغوط المالية.